قصة الولي "مول لكنابر" ملهم الموسيقيين المتجولين المتسولين بمراكش

الكاتب : الجريدة24

20 أبريل 2023 - 09:00
الخط :

أمينة المستاري

 

ارتبطت ظاهرة الموسيقيين المتجولين المتسولين بأزقة مراكش، بمجموعة من الأولياء الصالحين كبوبا رحال، أو حفدة  حمادشة أو من نسل أولاد سيدي داود ...

ويدعي هؤلاء قدرتهم على إشفاء المرضى وقضاء الحاجات وإرجاع الغائب والمغترب، وإصلاح ذات البين وتوثيق عرى المحبة بين الأزواج وتفريج الكرب... أي ما يسمى بركة الأجداد، وقد تكون بصق الماء المغلى على الوجه ، أو جرح الزبون لإخراج ما تسميه هذه الفرق الموسيقية ( الدم الفاسد)  أو الكي بمناجل الحصاد، أو تعمد لتقديم وصفة على شكل تعاويذ أو حزمة بخور وما إلى ذلك ،  كما تقوم بتيخير البشر ب( الساتليت ) أو المبخرة المتنقلة .

يحرص الموسيقيون المتجولون، بمجرد وضع أرجلهم بالمدينة الحمراء على زيارة أميرهم وأستاذهم في الموسيقى الولي سيدي جابر "مول لكنابر" ، يستمدون منه "البركة" الطاقة  الكاريزمائية التي تجمع بين العطاء والموهبة الفنية وبين الطهر الروحي، فلا يمكنهم بدأ جولاتهم في الدروب والأزقة إلى بعد هذا الطقس الضروري بالنسبة لهم.

فما قصة هذا الولي الموسيقي؟ من بين ما تتداوله الروايات الشفهية أن كان جامعا بين الشريعة و الحقيقة ، حاملا لواء الطريقة ، و صحب ابا عبد الله محمد بن عمر المختاري و كانت وفاته في حدود الثلاث و ألف ( 1003 ) و لم يُبين موضع دفنه ، عرف به في الصفوة، وكان ضريحه مقصد أهل الفن من مشارق الأرض ومغاربها، فكانت أركانه تردد الموسيقى المرتبطة  بالزوايا والمحافل الروحية من أهل الجذبة  والحضرة ، خاصة فرق كناوة ، إضافة إلى زيارته من طرف " الشيخات" اللواتي كن يطفن حوله  طالبات منه المساعدة على تحصيل ( الخبزة ) من خلال الفن.

يقال أن تسميته بمول الكنبابر، هي ناتجة عن تخصصه في تعليم قاصديه فن النقر على آلة الكنبري ، لكن شريطة التقيد بمجموعة من الشروط منها الاعتكاف داخل هذا الولي لمدة ثلاثة أيام، يواضب خلالها الموسيقي "المريد" على النقر على هذه الآلة فلا يبرح المتعلم النقر عليها  حتى يغلبه النوم، فيتمدد إلى جانب ضريح الولي، أما الشرط الثاني الأكثر صرامة فهو الإضراب عن كافة الأطعمة خلال تلك الأيام الثلاثة، مع الاكتفاء بأكل الزبيب ، وتقول الرواية الشعبية أن التلميذ يصبح خلال ثلاثة أيام موسيقيا بدون حاجته لمعلم. ورغم أن هذه الرواية متناقضة مع طريقة زهده وعزوفه عن ملذات الحياة والموسيقى.

وحسب كتب المناقب، فقد أورد ابن المؤقت المراكشي في الجزء الثاني من كتاب السعادة الأبدية في باب ( ذكر ما اشتهر من صلحاء وعلماء باب الخميس وخارجه ) ما تواتر عن سيدي جابر من أوصاف وذكر أصله المشرقي بأنه من نشر المتاني واسمه الكامل ( سيدي جابر بن مخلوف الرياحي)،  ثم أشار في الأخير إلى أن بيته كان محط الضيوف، لأنه  من أهل الولاية والبركات فكان مقصد أكثر من ستمائة ضيف يكرم وفادتهم.

آخر الأخبار