سويسرا تقاضي "رب الدزاير" الذي قتل ونكل بأبناء جلدته وجعل عليهم "كابرانات" يحمونه

الكاتب : الجريدة24

30 أغسطس 2023 - 11:31
الخط :

هشام رماح

وهو في أرذل العمر، وجد خالد نزَّار، وزير الدفاع الجزائري السابق، الذي كان يصف نفسه بـ"رب الجزائر"، والذي قتل ونكل بأبناء جلدته في العشرية السوداء، نفسه ملاحقا من قبل القضاء السويسري، بعدما أعلنت النيابة العامة الفيدرالية أنه متهم بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية بشبهة موافقته على عمليات تعذيب خلال الحرب الأهلية في التسعينيات.

وقرر القضاء السويسري، بعد مراوحة الملف لسنوات، متابعة أحد أبرز الوجوه التي بذرت بذورها في النظام العسكري الجزائري، والتي سفكت دماء الجزائريين خلال العشرية السوداء منذ أن أصبح وزيرا للدفاع عام 1990، وكان حاضرا عند استيلاء الجيش على السلطة في يناير 1992، بعد الإطاحة بالرئيس الشاذلي بن جديد، وإلغاء أول انتخابات برلمانية تعددية حينها في تاريخ الجزائر، وفازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

وفي بيان لها، أصدرته أمس الثلاثاء، أفادت النيابة العامة الفدرالية بشأن خالد نزار أنه "باعتباره شخصًا مؤثرًا في الجزائر بصفته وزيرًا للدفاع وعضوًا بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصًا محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّد هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة الإسلامية"، مضيفة أنه "تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمّم ومنهجي لمدنيين اتُّهموا بالتعاطف مع المعارضين".

وبإعلان القضاء السويسري نيته متابعة وزير الدفاع السابق الذي كان يؤلِّه ذاته كفرا، بوصفه لنفسه بـ"رب الدزاير" (والعياذ بالله) خلال العشرية السوداء، والذي يحظى حاليا بتغطية كاملة من لدن النظام العسكري المارق، يكون وجه لهما صفعة دوت على وجه الجنرال الجزار وحوارييه الذين جاؤوا به من إسبانيا على متن طائرة رئاسية، في رد لجميله حينما زرعهم في المنظومة الفاسدة التي تحكم الجزائر.

وفيما يعد الجزار خالد نزار، 85 سنة، رابع رئيس أركان للجيش الجزائري، فإنه وبعد انطلاق الحراك الشعبي الذي اجتاح الجزائر عام 2019 حُكم عليه بالسجن 20 عاما بتهمتي المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة، غير أنه تمكن من الفرار إلى إسبانيا، لكن سرعان بأنه عاد إلى الجزائر بجواز سفر دبلوماسي على متن طائرة رئاسية، بعدما أمسك تلميذه "البئيس الشنقريحة" بالجيش بعد مقتل سلفه "القايد صالح".

وكان نزار اعتقل خلال زيارة له إلى جنيف أكتوبر 2011، من أجل لاستجوابه من جانب النيابة العامة بناءً على شكوى قدّمتها ضدّه منظمة "ترايل إنترناشيونال" غير الحكومية التي تحارب الإفلات من العقاب على جرائم الحرب، وأُطلق سراحه بعد ذلك وغادر سويسرا.

وفي عام 2017، طوت النيابة العامة السويسرية الملف على أساس أنّ الحرب الأهلية الجزائرية لا تشكّل "نزاعًا مسلحًا داخليًا" وأنّ سويسرا لا تملك تاليًا صلاحية إجراء محاكمات لمتّهمين بارتكاب جرائم حرب محتملة في هذا السياق، لكنّ المحكمة الجنائية الفدرالية اعتبرت في مرحلة الاستئناف، عام 2018، أنّ الاشتباكات في الجزائر كانت كثيفة إلى درجة أنّها مشابهة لمفهوم النزاع المسلح على النحو المحدّد في اتفاقيات جنيف والسوابق القضائية الدولية، في قرار ألزم النيابة العامة بإعادة النظر في القضية.

ويشتبه في أن محمي النظام العسكري الذي زرع سابقا الـ"كابرانات" الذين يحكمون الجارة الشرقية حاليا، "قام على الأقلّ بالموافقة وتنسيق وتشجيع، عن علم وتعمّد، التعذيب وغيره من الأعمال القاسية واللا إنسانية والمهينة، وانتهاكات للسلامة الجسدية والعقلية، واعتقالات وإدانات تعسفية، فضلاً عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء"، على أن النيابة العامة وثقت على الأقل 11 حالة وقعت بين عامي 1992 و1994، بينما أودت الحرب الأهلية بحياة 200 ألف شخص، من بينهم الكثير من المدنيين.

آخر الأخبار