حكومة الـ"بيجيدي".. حينما تحتقن الأوضاع بسبب تفشي الجهل بأدبيات التواصل

الكاتب : الجريدة24

15 يونيو 2019 - 07:00
الخط :

هشام رماح

ما تقترفه الحكومة التي يقودها الـ"بيجيدي" في نفسها، يظل عصيا حتى على أعتى خصومها، ولعل جهلها بأدبيات التواصل ومقومات "تدبيج" بلاغات رسمية دون الاحتراز من "ما يجب أن يقال" و"ما لا يجب أن يقال" يميط اللثام عن هواية سياسية وغواية حزبية لأناس يسيئون التصرف بالمعطيات التي تتوصل بها من لدن أجهزة الدولة في ضرب سافر لكل الأعراف المعمول بها في شتى بقاع العالم.

إن زلة حكومة العثماني بشأن بلاغها الذي تلاه مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسمها، عقب اجتماع المجلس الحكومة الأسبوعي، ليعبر من خلاله عن موقفها من احتجاجات طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، بعد مقاطعتهم للامتحانات بداية الأسبوع الجاري، تنم عن سوء فظيع في التصرف إزاء معطيات تحصلت لديها من "أجهزة الدولة".

وعلى سبيل التذكير فقد جاء في البلاغ الرسمي "تؤكد الحكومة أن هناك جهات أخرى، وبالضبط جماعة العدل والإحسان، استغلت الوضعية لتحريض الطلبة من أجل تحقيق أهداف لا تخدم مصالحهم".

وخلافا لكل الحكومات المتعاقبة في المغرب والتي لم تجرؤ يوما على اقتراف "غلطة" حكومة الـ"بيجيدي" لم تجد الأخيرة حرجا في الإشارة صراحة إلى "جماعة العدل والإحسان" المحظورة قانونيا، بما يعد اعترافا رسميا بالجماعة ويعكس "رعونة" في التعامل مع معطيات ينبغي التعامل معها بكل حنكة وفي تحفظ سياسي ممزوج بالمواربة..

وببلاغها الرسمي تكون حكومة الـ"بيجيدي" قد جعلت نفسها من جديد في دوامة الانتقادات التي تطال تصرفاتها "التواصلية" رغم أن أصول وأبجديات التواصل معروفة ومتوفرة للجميع، وأقلها تمرير رسائل ضمنية ضمن "خطاب قرب" يسعى أولا إلى تهدئة الروع عبر الإخبار والإفهام انطلاقا مما يعرف في علوم التواصل بـ"عناصر الخطاب" (Les éléments de langage)، لكن المشكل الذي يطرح دائما هو غياب المتواصل الفذ الذي يحقق هذه المرامي.. وفي حكومة الـ"بيجيدي" هو أندر من أسنان الدجاج!!!

في مختلف دول العالم هناك أجهزة خاصة بالاستعلامات والاستخبارات يعكف موظفوها على لملمة المعطيات الحساسة ورفعها بعد ذلك إلى الحكومات التي تعمل على تسويغها بشكل يمكنها من بلورة سياساتها وأفعالها بعيدا عن "ردود الأفعال".. لكن كيف الحال إن لم تحسن حكومة مثل التي يقودها سعد الدين العثماني، التصرف فيما تتوصل به من معطيات تكون في غالب الأحيان سلاحا ذو حدين؟

إن فشل حكومة الـ"بيجيدي" في التعامل مع عدة أحداث كما وقع عندما زادت الطين بلة في تواصلها حول "حراك الريف"، وأشعلت الأوضاع في شمال المملكة بسبب افتقار مكوناتها إلى الرصانة والرزانة في التعامل مع منطقة مغربية أبناؤها مغاربة لا ينازعون شيئا غير رغبتهم في العيش الكريم، ليكشف أن العيب فيها وفي المنتمين إليها الذين لم يخلعوا عنهم "الجبة الحزبية" التي هي أوسع لهم ولـ"غلطاتهم" المنصورة دائما من إخوانهم المعتمدين على تأويلهم الخاطيء لـ"انصر أخاك ظالما أو مظلوما" وهي "الجبة" التي تضيق رويدا رويدا على المواطنين..  لكن "اللي لقا راحتو فالهبال.. ما عندو ما يدير بشي معقول".

آخر الأخبار