عندما يصمت الفتى الطائش "إيمانويل ماكرون" دهرا وينطق كفرا

الكاتب : الجريدة24

30 أغسطس 2023 - 02:00
الخط :

هشام رماح

في كل خرجة لـ"إيمانويل ماكرون"، الرئيس الفرنسي، يفدع الكلام ليعبر عن نفسه كـ"فتى طائش" أو لنقل رئيس خفيف متهور يركب دماغه في مواجه العقلاء الذين حاولوا في فرنسا شد لجامه لعله يعود إلى جادة الصواب.

وإذ صمت دهرا نطق الرئيس الفرنسي كفرا، وهو يحاول أن يرمي بمسؤولية الجمود البيِّن بين المملكة المغربية وفرنسا على الرباط ودول الجوار، وقد قال إن البلدان المغاربية "تعيش وسط أزمة تنظيم"، في محاولة منه ذر الرماد في العيون واللعب على الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفي اللقاء السنوي الذي يجمع الرئيس الفرنسي بسفراء بلاده، اختلطت الأمور على "إيمانويل ماكرون"، وقد حاول الدفاع عن نفسه أمام سيل جارف من الانتقادات التي طالت سياسته وتدبيره لأمور فرنسا الخارجية، فكان أن طمر رأسه في الرمال مثل النعامة، حينما قال إن تراجع العلاقات مع شمال إفريقيا.. "ليس سببه عدم التزام فرنسا، بل لأن هذه البلدان تعيش وسط أزمة تنظيم تعرفها المنطقة".

واختار "إيمانويل ماكرون"، تحري الغموض في تعاطيه مع مشاكل بلاده مع المملكة المغربية، بخلاف الوضوح الذي تبناه منتقدوه، وهم يسطرون له في كل بلاغ ويشددون في كل كلمة لهم على أنه اختار الانحياز إلى الجزائر، التي يرفل نظامها في "ريع الذاكرة" وضحى بعلاقته مع المغرب، الشريك الموثوق إلى أن بلغ به الأمر إلى خسارته الرهان، بعدما انقلب عليه حكام الحديقة الخلفية لفرنسا في إفريقيا، وكشفوا له عن وجوههم البشعة.

ويظهر أن "إيمانويل ماكرون"، لا يزال متشبثا بعجرفته و"قنفحاته" التي لا تزيد العلاقات مع المملكة المغربية إلا تعقيدا، متى لم ينبري إلى الوضوح ويغادر منطقة الظل، حسبه في ذلك عدم رغبته في الاعتراف بالإخفاق الذريع الذي يطبع مساره الرئاسي منذ أن ولج إلى قصر الـ"إيليزي"، وهو ما جرى دون أن يفطن الفرنسيون إلى أنهم وضعوا ثقتهم ورهنوا مصائرهم في يد رجل خفيف نيء لم ينضج بعد.

وكانت خفة "إيمانويل ماكرون" ورعونته سببا جعل العديد من السياسيين يدقون ناقوس الخطر لعله ينتبه لما يقترفه من أخطاء فظيعة تسبب فيها محاولته اللعب مع المملكة المغربية عبر ورقة الانحياز لنظام عسكري مارق قائم في الجزائر، حتى أن شهر العسل مع دولة الـ"كابرانات" سرعان ما انقضى دون أن يقضي أمرا من ذلك، فكان أن خسر الرباط وراح الفرنسيون العقلاء يستشعرون مرارة التعامل مع أجلاف الجزائر.

ولم يتعظ الرئيس الفرنسي من تجربة "نيكولا ساركوزي" الذي سبقه في الرئاسة، حينما نبهه إلى فظاعة التعويل على النظام العسكري الجزائري، وقد جاء التنبيه واضحا وضوح الشمس، عبر كتابه "زمن المعارك (Le Temps des Combats) ومن خلال حواره مع صحيفة "لوفيغارو" حينما قال "إننا نجازف بخسارة كل شيء، لسنا نكسب ثقة الجزائر، التي يبحث نظامها عن تبرير إخفاقاته وافتقاره للشرعية، ونحن بذلك نفقد ثقة المغرب".

أيضا، انتفض حزب "الجمهوريون" بقيادة "إيريك سيوتي"، ضد السياسة الرعناء للرئيس الفرنسي، وهالهم أن يروا مبلغ العلاقات البينية التي طالما كانت جيدة إلى أن شذَّت عن عهدها تحت حكم "إيمانويل ماكرون"، وانتقدوا بقوة مقاربته الرديئة في تدبير أمور فرنسا مع المغرب والجزائر التي انقلبت عليه، ثم غير "نيكولا ساركوزي" و"الجمهوريين" كثر ممن رموا ساكن قصر الـ"إيليزي" بسهام النقد التي يبدو أنها ترتد بلا صدى، والحق يقال إن "إيمانويل ماكرون" كان سيسمعهم لو أنهم نادوا حيا.. ولكن لا حياة ولا حياء لمن تنادي.

آخر الأخبار