أعلام فاس وعلماؤها: عبد الله كنون...عالم لم يدرس بجامعة وترأس رابطة العلماء

الكاتب : الجريدة24

10 أبريل 2024 - 10:00
الخط :

 فاس: رضا حمد الله

لفاس أعلامها وعلماؤها وصوفيوها فاقت شهرتهم حدودها بعدما كان حضورهم وازنا في كتابة تاريخها وبناء نهضتها. وكثير منهم امتد إشعاعهم وطنيا وعربيا على غرار عبد الله كنون واحد من رواد فاس الذين ناضلوا لأجل استقلال الوطن وبنوا نهضته بعلمهم وفكرهم وأقلامهم.

ويعتبر كنون مثالا حيا للعصامية، بنى نفسه بنفسه فنبغ وتميز بين أقرانه بشكل بوأه مكانة رائدة حتى في المشرق العربي حيث اشتهر بعد مسار علمي استهل رسمه بمنزل الأسرة بفاس حيث تتلمذ على يد والده عبد الصمد بن التهامي، قبل استقرارها بطنجة استعدادا للهجرة للشام.

استفاد عبد الله كثيرا من والده العالم المتبحر في مختلف العلوم والمعارف على تنوعها. ومكنه استقرار الأسرة بطنجة من الاستفادة من تجارب علمائها بجوامعها التي كانت حينها بمثابة "جامعات" مفتوحة حبلى بالعلم والعلماء ممن عاشرهم وتلقى على أياديهم دروسا في علوم معينة.

لم يقتصر هذا الشاب الطموح على مجالس العلماء في الجوامع وحتى بمنازل بعضهم، بل كان طموحه أكبر وانفتح على قراءات حرة في مجلات وصحف وكتب، ألهمته كثيرا ورسمت جزء من شخصيته سيما بعدما تعلم الإسبانية والفرنسية وقرأ بهما وتتبع الجديد في العالم، بواسطتهما.

ومكنه تنويع قراءاته من شهرة مبكرة ليصبح واحدا من قادة العلم والفكر، دون أن يقتصر على ذلك، حيث اختار الانخراط في العمل الوطني انطلاقا من طنجة التي كانت حينها خاضعة للإدارة الاستعمارية الدولية، فكانت بدايته في الحركة الوطنية في عام 1934 ما قوى عضده.

لم يمكث عبد الله في العمل الوطني، إلا 3 سنوات ليقرر الانخراط في الحزب الوطني آنئذ بعدما تصلبت قناعاته تكونت بالاحتكاك اليومي بكبار الرجال الوطنيين علموه وربوه على مواقف وقناعات مشرفة موازاة مع تميزه العلمي والفكري الذي لم ينسيه الكفاح الوطني فيه.

هذا التميز جعل علماء المغرب يضعون ثقتهم في هذا العالم والكاتب والمؤرخ والصحافي والشاعر، أمينا عاما لرابطتهم، بل نال العضوية في مجموعة من المجامع اللغوية والإسلامية والعلمية، رغم أنه لم يحمل أي مؤهل جامعي ولم يتخرج من القرويين ولا من أي كلية من الكليات والمعاهد.

ويكفي عبد الله فخرا أنه مؤسس النهضة التعليمية بطنجة ومنشئ أول مدرسة حرة بها، متوجا بذلك مساره العلمي والفكري وحياته الحبلى بالعمل والعطاء ومجموعة من الإنجازات ومنها ما كتب في التراجم والدراسات الأدبية وتحقيق المخطوطات وكذا في إصدار وإدارة والإشراف على مجلات.

وترك ابن فاس المنتمي لشرفاء أولاد كنون المتحدرين من قرية الزواقين بقبيلة بني مسارة ناحية وزان، كتبا متعددة تعتبر مراجعا للطلبة في الجامعات ممن أنجزوا رسائل وأطروحات حولها وحول شخصيته الغزيرة الإنتاج والجديرة بالاهتمام والعناية، وأن نخصص لها هذه الحلقة.

آخر الأخبار